كتب هذه العبارة على ورقة بيضاء وجال بنظره في الأفق
يسترجع القصة من بدايتها..
كيف كان لقاؤها الأول,
كيف التقت عيونها بتأثير مغناطيسي غريب..
كيف حدثت الشرارة الأولى..
وكــــآن الــحـــب..
* * *
غاص في تفكيره يحاول فك طلاسم الشخصية الغريبة,
ويفهم أيضا غرائبه هو شخصياً..
فبقدر ما كان يعذبه غموضها,
وعدم وضوح مشاعرها تجاهه..
بقدر ما كانت تتملكه الدهشة
وهو يرى نفسه مستسلماً تماماً لتقلباتها.
لا يملك الثبات على قرار بشأن حس علاقته بها,
إذا لاحت منها أية بادرة ن بعيد,
بأنها فعلاً تحبه.!
كان موقفاً جديداً عليه تماماً,
ربما كان لأول مرة في حياته يذعن لرغبة إنسان.
مهما تعارضت مع رغبته..!
وكأنه تنازل راضياً عن إرادته لتلك الحبيبة الغريبة..
كل ما كان يؤلمه هو ذلك الضعف الشديد,
الذي فشل في التخلص منه تجاهها.
والمشكلة عنده انه لم يعرف هذه المشاعر من قبل.
كان دائماً قوياً..
يملك إرادته ولا يعرف معنى للضعف الإنساني !
* * *
حاول أن ينساها, سافر..
قطع كل اتصال بها. كان يكتفي بان يسمع اخبارها,
يطمئن عليها من بعيد .
ولكن..!
الغريب انها كانت تسارع بالإتصال به,
اذا ما تاكدت انه في طريقه الى نسيانها..!
أو..انها سوف تصبح لديه مجرد ذكرى جميلة..
اليمة.!
كانت غريبة فعلاً..
كأنها تستعذب ان تراه معذباً في حبها..
ولا يريحها ان يهدأ هو وينصرف,
الى حياته بدونها ان اظطرته لذلك..!
كثيراً ما ارهقه التفكير
وأضناه البحث عن إجابة لسؤاله:
لماذا تفعل بي هذا.؟
اذا كانت لا تريدني حقاً
فقد احترمت رغبتهاهذه..
برغم انها لم تصرح بها..
وابتعدت.ثم..ثم تعود مرة اخرى,
لتعبر عن إحتياجها لي ,
وحبها الحقيقي الذي لا يقبل الجدل..!
أعود الى نفسي..أحاسبها ..
اقول ..ربما انا مريض بالوهم,
وهم الحب ..او مرض الحب.!
وأتذكر ابيات الشاعر "نزار قباني "
((الحب في الارض نوع من تخيلنا ..
لو لم نجده عليها لاخترعناه))..
وأغوص في ذكرياتي معها فأحتار اكثر..
واتعذب اكثر..
فبيننا لحظات عشناها كأسطورة.
هذا لا يمكن ان يكون وهماً,
فقد لمسته بكياني ووجداني ووجودي.
بيننا ايام وليالي قلنا فيها بصوت واحد:
ان هذه هي الجنة..!
بيننا امتزاج روحين وانسجام فكرين والتقاء حبيبين.
فكيف.. افسر تصرفاتها, كيف اجد تبريراً
لتقلباتها وعواصف مشاعرها التي لا تهدأ..!
* * *
ينتصر عقلي احياناً.. ويقول لا:
انا لن اعود اليها..
احاسيسي ونبض قلبي.
اقتنع بصوت عقلي.
تمر ايام بدونها بلا طعم..
ولا معنى..يمتلئ عقلي بالضجيج
والمناقشات التي لا تنتهي ..
اعمل ..انتزع نفسي من محيطها..
اشعر احياناً انني نجحت ..
وان وجودها داخلي تحول الى
ظلال من الذكرى في طريقها الى الخفوت والتلاشي .
* * *
وتمضي بي الأيام لأجدها مرة أخرى تخرج
من داخلي كعملاق واثق ..
تطل على..تتفحصني بشماتة وتقول لي:
ها أنذا لا ازال حاضرة داخلك..
لم اتلاش كما ظننت..
ولم اتحول الى طيف باهت بعيد كما تمنيت وتصورت.
انا هنا داخلك شمس شديد الحضور.
شعاعها يخطف العين والقلب والوجدان..
وسط دهشتي ..!
والمخاض العنيف الذي يعتصرني من الداخل
افاجأ بها على الطرف الآخر من التلفون تطلبني .
يخفق قلبي اظطرابا..اسرع الى السماعة ..
اخطفها بلهفة الدنيا..
احتضنها بكلتا كفي..
يأتيني صوتها فاحس بنبض عروقي
يعزف موسيقى السعادة..
اتعلثم.. اتردد..
تقول هي :
أوحشتني .. اريد ان اراك.
ينتفض قلبي فرحاً.
اقبل على الفور اسالها الموعد والمكان..
تجيبني . اضع سماعة التلفون..
لأجد صوتاً داخليا يعلو..
يهاجمني يشدة: ماذا فعلت ؟
اغلق صوت الضمير. صوت نفسي.
اسلم قدماى للريح.
اسير مهزوماً في الطريق. قلبي يبكي حالي..
ويتلهف لرؤيتها في آن معاً.!!
اشعر بلاعياء الشديد.. انني مريض..
مؤكد انني مريض.احس بتصدع داخلي,
اريد ان... ماذا اريد.؟!